مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

إلى الشيخ الدكتور عبدالله التويجري بشأن سنية نقل ماء زمزم بعد الحج

أخي الكريم الدكتور/ عبدا لله بن عبد المحسن التويجري حفظه الله تعالى ورعاه ووفقه لما يحبه ويرضاه ... آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

بعد اجتماعنا هذه الليلة – ليلة الثلاثاء 16/12/1418هـ في منـزل آل العبد الكريم الأفاضل - أتحفت مجلسنا كعادتك بفائدة نفيسة ذكرها الإمام ابن كثير – رحمه الله تعالى – مفادها سُنّية نقل ما زمزم بعد الحج ، وأن مصدر ذلك حديث رواه الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، وذكرت رعاك الله تعالى أن لم تبحث إسناد الحديث .ومن باب رد المعروف ، فقد طالعت بعض الكتب طلباً لاستكمال الفائدة فتحصّل لي ما يلي :الحديث الذي ذكره ابن كثير عن الترمذي و كما أشرتم هو في آخر كتاب المناسك وبالتحديد قبل آخر حديث في كتاب المناسك من سنن الترمذي 3 ص286 .قال الإمام الترمذي – رحمه الله تعالى - : حدثنا أبو كريب خلاّد بن يزيد الجعفي حدثنا زهير بن معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها : (( أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله )) .قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه .قال محقق الجزء – محمد فؤاد عبد الباقي – : لم يخرجه من أصحاب الكتب الستة سوى الترمذي . أ.هـ .

وقد راجعت عارضة الأحوذي 4 ص183 فلم أر أبن العربي رحمه الله تعالى تكلم عليه . وفي تحفة الاحوذي4 ص 36-37 ترجم الشارح - رحمه الله تعالى – لـ : خلاد بن يزيد الجعفي و زهير بن معاوية ، ثم قال : قوله : ( كان يحمله ) فيه دليل على استحباب حمل ماء زمزم إلى المواطن الخارجة عن مكة . قوله ( هذا حديث حسن غريب .. إلخ ) وأخرجه البيهقي والحاكم وصححه كذا في النيل . انتهى بحروفه من التحفة .

ثم رأيت الشيخ المحدث العلامة الألباني - رفع الله درجاته وجعل ما نيل من عرضه كفارة ورفعة له عند مولاه - ، رأيته أثابه الله تعالى قد ذكر الحديث في كتابه : صحيح سنن الترمذي 1 ص284 ، وقال عنه : ( صحيح ) ، ثم أحال على الصحيحة 883 وفي السلسلة الصحيحة ج2 حديث 883 ص572 ذكره بلفظ :( كان يحمل ماء زمزم [ في الأداوى والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم ] ) .

وعنون الشيخ لهذا الحديث بـ : حمل ماء زمزم والتبرك به .ذكر حديث عائشة – رضي الله تعالى عنها – عند الترمذي وذكر له شاهداً عند من طريق ابن الزبيـر ، فراجعه مشكوراً ، وفي كتاب أخبار مكة للإمام الفاكهي – رحمه الله تعالى – 2ص48 عقد المصنف مبحثا بعنوان : ذكر حمل ما ء زمزم للمرضى وغيرهم من مكة إلى الآفاق .وأسند فيه سبعة أخبار فيها اثر واحد ، والثاني من الأحاديث هو حديث عائشة – رضي الله تعالى عنها – عند الترمذي .

وفي كتاب أخبار مكة للإمام أبي الوليد الأزرقي – رحمه الله تعالى – 2ص57 : ذكر ابن طاوس عن أبيه أن الشرب من زمزم من تمام الحج ، قال ذلك استناداً على شرب النبي r من ماء زمزم بعد طوافه للوداع .وللفائدة ذكر سائد بكداش في كتابه ( فضل ماء زمزم ) أخباراً كثيرة عن حمل ماء زمزم . انظر ص124 إلى ص127 .

وأخيراً أخي أبا محمد .. أذيّل رسا لتي ببعض الفوائد تذكيراً لك بها لا تعليماً ، فمن ذلك :

* ما ذكره الكتاني عن سفيان بن عيينة – رحمة الله تعالى – أنه قال : ماء زمزم بمنـزلة الطيب لا يرد . الترتيب الإدارية 1 ص34 . وهناك أبا محمد ذكر الكتاني الأشياء التي لا ترد في السُنّة ، وذكر نظماً في ذلك .

* فائدة تتعلق بمضاعفة الصلاة في الحرم المكي ، حديث : (( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة )) ، قال أبو بكر النقاش : فحسبت ذلك في هذه الرواية فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عُمُر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة ، وصلاة يوم وليلة في المسجد الحرام وهي خمس صلوات عمر مائتي سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال . انتهى .انظر كتاب ( مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام ) 1 ص239 للشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر رحمه الله تعالى .وقد ذكر الشيخ ابن جاسر أنه حسب ذلك مخالفة حساب أبي بكر النقاش عليهما رحمة الله تعالى .

* أخي أبا محمد .. كنتُ أتسأل عن مسألة غسل الكعبة وهل لذلك أصل ، وقد بعُد العهد عن بحث في ذهني ، لكن انظر ما ذكره الرحالة ابن جبير في رحلته ص116 عن غسل البيت بما ء زمزم ، ثم اعجبْ من تصرف الجهلة والعامة .جاء في كتاب الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها ، تأليف/ جمال الدين محمد جار الله بن ظهيرة القرشي ، ص118-119 : [ روى ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح أمر بلالاً فرقى على ظهر الكعبة فأذَّن بالصلاة ، وقام المسلمون وتجردوا في الأزر وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم فغسلوا الكعبة ظهرها وبطنها ، فلم يدعوا أثرا من آثار المشركين إلاَّ محوه وغسلوه ، وهذا الخبر في الجملة يصلح أن يكون شاهداً لما يفعله الحجبة من غسل باطن الكعبة في كل عام . والله أعلم ] .

* مهنة الطوافة :نشأت بمكة على عهد المماليك الجراكسة ، إذْ كانوا يجهلون اللغة العربية ، فهم في حاجة إلى من يلقنهم المأثورات ويرشدهم إلى أداء المناسك ، وكان أوّل مطوف بمكة هو القاضي إبراهيم بن ظهيرة ، وهو الذي قام بتطويف السلطان قايتباي حين أدى فريضة الحج عام 884هـ ... ص50 من كتاب ( لبيك ) ، تأليف/ محمد كامل حته .

* جاء في كتاب ( شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ) لأبي الطيب تقي الدين الفاسي ما نصبه : وإبراهيم المنسوب إليه هذا الباب (1) خياط كان عنده على ماقيل كما ذكر ذلك أبو عبيد البكري في كتابه ( المسالك والممالك ) ، وذكر أن العوام نسبوه إليه ووقع للحافظ ابن عساكر وابن جبير وغيرهما من أهل العلم ما يقتضي أن إبراهيم المنسوب إليه هذا الباب هو إبراهيم الخليل عليه السلام ، وذلك بعيد لأنه لا وجه لنسبته . والله أعلم . انتهى المراد .وانظر أبا محمد - رعاك الله تعالى – ذكريات الشيخ علي الطنطاوي 1 ص111.

* يرد كثيراً في كتب تاريخ الكعبة ومكة كلمات أو مصطلحات يجهل معناها غير قليل ، فمن ذلك :الرفادة والسقاية .- فأما الرفادة فهي : خَرْجٌ كانت قريش تخرجه من أموالها إلى قصي ، تصنع به طعاما للحاج يأكله من ليس له سعة .- والسقاية : حياض من أدم ، توضع على زمن قصي بفناء الكعبة ، ويستقى فيها الماء للحاج .ينظر : ( مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ) للإمام ابن الجوزي ص53 .وأخيراً أبا محمد … معذرة من الإطالة ، لكن يشفع لي حُبك للفوائد ، وشغفك بها كما عهدتك .جعلنا الله مباركين أينما كنا ، وبارك لنا جميعاً في علمنا وعملنا وذرياتنا ، إنه تعالى سميع مجيب .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .16/12/1418هـ


(1) أحد أبواب الحرم المكي .

مقالات ذات صلة