مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فيقول الله تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ ، ومن أسمائه تعالى (الحكيم) ، كما قال تعالى : ﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، والحكيم هو الذي يضع الشيء موضعه ، وإذا كان ذلك كذلك فحكمة الله تعالى بالغة في الكمال أعلاه وفي الحسن منتهاه ، ولو تأمل الإنسان في نفسه وما حوله بل وجميع ما خلقه الله وقدّره ، لرأى واستيقن أن أمور الكون مرتبة وكل شيء عند الله تعالى بمقدار .ومن ذلك ما يتعلق بأمور البيئة والعناية بها ، والكلام في هذا يطول لكن اكتفي في هذا المقال بخمسة أمور :
1- لم يخلق الله تعالى شيئا عبثا ، بل كل شيء خلقه الله تعالى لحكمه ، لكن كثيرا من الناس يجهلون حكمة الله تعالى في بعض مخلوقاته فيتصرفون بجهالة ولا يبالون بسوء تصرفهم .
2- من حكمة الله تعالى في هذه الدنيا التوازن في البيئة ، فمثلاً كمية الماء تمثل ثلاثة أرباع مساحة الأرض وهذا من حكمة الله تعالى .فقد ذكر بعض العلماء والخبراء أن هذه الكمية الهائلة من الماء جعلها الله تعالى سببا لتخفيف حرارة الشمس ، كذلك لتلطيف الرياح ، إضافة إلى ما في البحار من المصالح الكثيرة كسهولة السفر والثروات البحرية الأخرى كالأسماك واللؤلؤ ، وحكمة عظيمة أيضا وهي أنها مصب لمياه الأنهار ، ولك أن تتخيل لو أن هذه الأنهار لا تصب في المحيطات والبحار ما الذي سيحدث ؟ ستغرق الأرض ويهلك الحرث والزرع والنسل .ومثال آخر :نرى في حياتنا أنواعاً من الحشرات والمخلوقات يظن بعض الناس أنه لا فائدة منها وهذا خطأ من ناحيتين: الأولى : خطأ في حق الله تعالى ، فلا يجوز أن يقال لا فائدة منها ؛ لأن الله حكيم في تدبيره ، ما خلق شيئا إلا لحكمة عَلِمها من عَلِمها وجَهِلها من جَهِلها .الثانية : إن الإنسان عدوٌ لما يجهل ، فلو أنه سأل أهل الخبرة لزال الإشكال الذي عنده .ودعني أضرب لك مثلاً : الحيوان المعروف بـ ( القنفذ ) يحرص عليه بعض المزارعين لأنه يقضي على الثعابين ، وهكذا تستمر الحياة بالسنن التي قدّرها الله تعالى وأرادها.
3- دين الإسلام العظيم جعله الله تعالى حماية للإنسان وللحيوان وللجماد وللبيئة ، فكل أحكام الإسلام جاءت بالخير في جميع شئون الحياة ، وبما أنَّ الحديث عن البيئة فقد جاء الإسلام بآداب كثيرة فيها حماية للبيئة ، فمن ذلك :
- النهي عن قضاء الحاجة في أماكن ظل الناس .
- النهي عن البصاق في المساجد وفي مجامع الناس ، أو رمي النفايات في طريق الناس أو عند أبوابهم .
- النهي عن الإسراف والتبذير عموما في الماء في المال في الطعام ، ومن ذلك العبث في الصيد ( الصيد الجائر ) ، وكقطع الأشجار دون مراعاة للصالح العام .
ومما اهتم به الإسلام العناية بالطيور والحيوان ، فلقد جعل الإسلام من أسباب دخول النار تعذيب الحيوان ، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : «دخلت النارَ امرأةٌ في هرة ، حبستها حتى ماتت ، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».
وأيضا جعل الإسلام من أسباب المغفرة : الرفق بالحيوان كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الرجل الذي عطش عطشا شديدا فنزل في بئر فشرب فلما خرج من البئر رأى كلبا قد بلغ منه العطش مبلغا فقام الرجل فنزل إلى البئر فملأ حذاءه بالماء وأسقى الكلب فغفر الله له ، وهناك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في رحمته للحيوان ، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «والشاة إن رحمتها يرحمك الله»، وسبب الحديث أن رجلا قال : يا رسول الله إني أذبح الشاة وأنا أرحمها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «والشاة ... »، وقال صلى الله عليه وسلم لرجل يضرب بعيره ولا يطعمه ، قال له : «اتق الله في بعيرك فإنه قد شكاني إنك تجيعه وتضربه». بل أن بعض الفقهاء ذكروا أنَّ على من يجصص أو يطين الجدران أن يتأكد من عدم وجود مفارخ للطيور حتى لا تموت ، بل عليه أن يخرجها قبل البناء .
وبلغ من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان مرة مع أصحابه خارج المدينة فلما جلسوا جاء طير صغير من طيور البر يطير فوق رأس النبي فقال صلى الله عليه وسلم : «من فجع هذا بولده»، فقال صحابي : يا رسول الله أنا أخذت بيضه ، فقال صلى الله عليه وسلم : «رد البيض مكانه» .
والخلاصة أن رحمة الحيوان والطير من التعبد لله تعالى إذا نوى بها الإنسان ذلك.
4- جميع دول العالم تحرص على حماية بيئتها ؛ لأن سلامة البيئة تزيد في راحة الناس واستثمار الطاقات واستغلال الموارد ، ولذا تعقد المؤتمرات المستمرة التي تختص بحماية البيئة والسعي في الحرص على سلامة البيئة ، ومن أوراق تلك المؤتمرات مثلاً :
- الآثار الناتجة من عوادم السيارات .
- الآثار الناتجة من مجامع النفايات وآثار إحراقها .
- الآثار الناتجة من تلويث المحطات والبحار .
- الآثار الناتجة من العبث في الاحتطاب .
- الآثار الناتجة من الصيد الجائر .
ثم يضعون الحلول لحماية البيئة – بإذن الله تعالى - .
5- ومما عنيت به الدول في شؤون البيئة : إنشاء جهات مستقلة تُعنى بالمحافظة على البيئة والعناية بإرشاد الناس إلى ما يحقق ذلك .ومن الهيئات الحكومية المعنية بشؤون البيئة في المملكة العربية السعودية : ( الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ) ويرأس تلك الهيئة سمو الأمير/ بندر بن سعود بن محمد آل سعود – حفظه الله تعالى .
ولقد عرفت سمو الأمير بندر قبل عمله أمينا لتك الهيئة ، فرأيت فيه شهامة ومروءة صادقة وعزيمة راشدة . وأسأل الله تعالى أن يزيده توفيقا وسدادا في أمور دينه ودنياه وأن يجتمع فيه الوصفان الطيبان (القوي الأمين) ، إنه سميع مجيب

مقالات ذات صلة