مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

مقدمة كتاب ذم تقديم العقل على النقل

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة لكتاب [ ذم تقديم العقل على النقل] . إعداد بدر عبدالله الناصر

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا.والصلاة والسلام على رسول الله الذي ما ترك خيراً إلا دلنا عليه ولا شراً إلا حذرنا منه.وعلى آله وصحبه الكرام الذين تلقوا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بقلوب مستقينه وصدور منشرحه ولم يجدوا حرجاً في أنفسهم مما قضى وسلّموا تسليماً فرضي الله عنهم ورضوا عنه.

أما بعد فهذه الرسالة التي بين يديك – أخي القارئ – جمع مادتها وألّف بينها ورتبها الأخ الكريم بدر بن عبدالله الناصر.

ويدور محورها حول قضية (( تقديم العقل على النقل )) تلك القضية التي تخبط فيها كثير من الناس فضلوا وأضلوا كثيراً عن سواء السبيل. ذلك لأنهم جعلوا العقول حاكمة والنصوص محكومة جعلوا العقول قائدة والنصوص مقودة. فترتب على ذلك ضلال مبين من رد النصوص وابطالها أو تحريفها وتأويلها.

ولو أنهم تلقوا النصوص دون تردد أو شك لسلِم لهم دينهم وصلح أمرهم لكنهم خاضوا فغرقوا فمنهم من أقر واعترف ببطلان ما كان عليه ورجع إلى عقيدة سلف الأمة أبر الناس قلوباً وأصدقهم السنا ، ومنهم من أصر على ما كان عليه وكل سيلقى ما قدّم ، فنسأل الله أن يحفظنا من الزيغ والضلال.

وإننا لنجد في مجتمعنا الحاضر لوثة واضحة عند كثير من الناس في هذه القضية فتسمع أحدهم يقول دون تردد : هذا الحديث فيك شك ، أو ذلك النص باطل ، أو غير معقول أن يكون هذا من الصواب ، أو ما الحكمة من هذا – استنكاراً لا استفهاماً عن الحق – وهلم جرا من تلك العبارات الباطلة وقد يكون أجهل الناس بالعلم الشرعي ، أو ممن صاحب عِلْمُه هوى في نفسه ، أو غير ذلك وإلاَّ (( فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته بل أخبارهم قسمان: أحدهما : ما تشهد به العقول والفطر . والثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب ولا يكون خبرهم محالاً في العقول أصلا وكل خبر يظن أن العقل يحيله فلا يخلو من أحد أمرين ( إما أن يكون الخبر كذبا عليهم أو يكون ذلك العقل فاسدا )(1).وعلى هذا فإذا عُلم صدق الخبر النبوي تبين أن الفساد والكساد في عقول أولئك الجاهلين.وما أجهل قول القائل:

علم العليم وعقل العاقل اختلفا *** من ذا الذي منهما قد أحرز الشرف

فالعلم قال أنا أحرزت غايته *** والعقل قال أنا الرحمن بي عُرف

فافصح العلم إفصاحا وقال له *** بأيّنا الرحمن في قرآنه اتصف

فبان للعقل أن العـلم سيده *** فقبّل العقلُ رأسَ العـلمِ وانصــرف

ورحم الله شارح الطحاوية فإنه عندما بين بطلان تقديم العقل على النقل قال: (( فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل )).وبكل حال سترى بين طيّات هذه الرسالة المباركة خيراً كثيراً من تفنيد تلك القضية وخاصة في كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى  فلقد نسف مقولاتهم ودحض حججهم.كما أن جامع الرسالة الأخ الكريم بدر قد ذكر أحاديث داود بن المحبر التي بين بطلانها علماء الحديث كل هذا ستراه موثقاً في مصادره.فجزى الله بدراً خيراً على كتابته في تلك القضية الهامة ورزقنا الله وإياه الإخلاص في السر والعلن في القول والعمل.. آمين.

د. عبدالعزيز بن محمد السدحان

11/1/1414هـ


(1) الروح لابن القيم ص 309.

مقالات ذات صلة