مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

لقد أخطأت عندما قبَّلتُ رؤوس أعضاء الهيئة في الجنادرية

في عصر يوم الثلاثاء 14/4/1431هـ كنت في زيارة لأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مهرجان الجنادرية. صليتُ معهم صلاة العصر، ثم ألقيتُ كلمةً خلاصتها:

- منزلة هذه الشعيرة في الإسلام.

- براءة الذمَّة بالبلاغ لا بزوال المنكر.

- حصول الأجر بمجرَّد البلاغ لا بزوال المنكر.

- الحذر من اليأس والقنوط.

- سلامة النية لا تشفع لصحة العمل.

- العناية بعلم السياسة الشرعية ومقاصد الشريعة.

- منزلة المحتسب في مجتمعه وأنه كالطبيب يترفق بالمريض ويصف له الدواء.

في آخر الكلمة وبعدها بدأت مباحثات علمية ومناقشات في بعض مسائل الاحتساب، وفي أثناء الكلمة كان جميع الأعضاء من مدنيِّين وعسكريِّين ــ دون استثناء ــ مثالاً في حسن الإنصات والأدب في طرح السؤال والعناية بالجانب العلمي.

ومما زاد غبطتي وسروري محاورات جرت بين بعضهم على مرأى ومسمع منِّي تدور حول الأسلوب الأنفع والأصلح في كيفية التعامل مع الناس، ومما تكرَّر التنبيه عليه العناية بالرجوع إلى المسؤول عنهم حسب الترتيب الوظيفي، وعدم الاجتهاد الشخصي في القضايا التي لم يأت توجيه بها إلا بعد الرجوع إلى من له الأمر عليهم، وكان الأعضاء بحقٍّ على عناية بهذا الجانب ، ويشهد لهم شهادة بعض من له الأمر عليهم.

ويشهد الله تعالى.. لقد سمعتُ منهم ورأيتُ فيهم مع كثرة عملهم وتعبهم وبُعد الشقّة عليهم... رأيتُ حرصًا على المقصِّرين، وعنايةً بهم وترفقًا بالناس، وسعيًا إلى كلِّ وسيلة تنفع ولا تضرّ، وتُصلح ولا تُفسد، وتبني ولا تهدم.. وبعد ذلك لم أملك قبيل توديعهم إلا أن قبَّلتُ رؤوسهم بعد يمين منِّي وكادوا يكونون سببًا في حنث يميني، ولكنهم رضخوا بكراهية منهم وبسرور وحبور منِّي..فجزاهم الله خيرًا، وبارك في جهودهم..

بعد توديعهم طلبوا منِّي وألحُّوا عليَّ بزيارة ثلاثة من المسؤولين عن المهرجان، وأثنوا عليهم خيرًا لحسن تعاملهم وتعاونهم مع رجال الهيئة، فقابلنا في الطريق أحد الثلاثة وهو العميد عبدالرحمن الزامل ضابط العمليات في المهرجان، ثم دخلنا إلى مكتب اللِّواء سعد بن مطلق أبو ثنين قائد معسكر مهرجان الجنادرية، فلم أر إلاّ ترحيبًا منهما وتقديرًا وثناءً على الإخوة في الهيئة، فذكرتُ لهم أنّ الإخوة في الهيئة يُثنون عليكم خيرًا ويدعون لكم.وأما الثالث الذي ذهبنا لزيارته أولاً فهو الأستاذ عبدالمحسن التويجري نائب رئيس الحرس الوطني المساعد، ولم يكن موجودًا تلك الساعة لكن ثناء الأعضاء عليه ودعاؤهم شهادة خير له، زاده الله توفيقًا وسدادًا.

خاطرة ألم وأمل...يخطئ الطبيب فيُقال: يشفع له حرصه على المريض، وخطؤه مغتفرٌ في جانب عنايته بعلاجنا. ويخطئ المعلِّم فيُقال: يشفع له حرصه على الطلاب، وخطؤه مغتفرٌ في جانب عنايته بتعليم أولادنا وتحمُّله لهم..ويخطئ رجل الأمن أيًّا كان موقعه فيُقال: يشفع له حرصه على أمننا وخطؤه مغتفرٌ في جانب سهره وتعبه.ويخطئ رجُل الهيئة فتلوكُه الألسنة وتنهشُه الأقلام! ولا يشفع له حرصُه على سلامة عقيدتنا وعلاجنا بالقبض على السحرة والمشعوذين!!ولا يشفع له حرصُه على أولادنا بنصيحة المقصِّرين!ولا يشفع له حرصُه على أمننا وأعراضنا بالسعي في القبض على بعض أرباب المخدِّرات والمسكرات وكذا من يتحرَّش بالنِّساء!ألا يشفع كلّ هذا لعضو الهيئة كما شفع بعضُه لمن قبله؟!فيا عجبًا من بعض أصحاب الأقلام هدانا الله وإياهم إلى القول السديد والفعل الرَّشيد!

وحُقَّ لكم ــ معاشر أعضاء الهيئة ــ أن يُقال لكم: ما أحسن أثرَكم على كثير من الناس، وما أقبح أثر كثيرٍ من الناس عليكم!

وأخيرًا... أكرِّر عنوان كلمتي وأقول: لقد أخطأتُ عندما قبَّلتُ رؤوس أعضاء الهيئة، ووجه الخطأ الذي وقع منِّي تقصيري في تقبيل رؤوسهم في كلِّ يومٍ من أيام المهرجان وهم أحقُّ بذلك وأهله، ولكن يشفع لي سعة صدورهم وكبير تواضعهم.

اللهمَّ اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت.. واصرف عنَّا سيِّئها لا يصرف عنَّا سيِّئها إلا أنت..اللهمَّ وفِّق ولاة أمورنا واجعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشرّ..والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات.

مقالات ذات صلة