مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

الى الدكتور حسن بن فهد الهويمل

الأستاذ الدكتور/ حسن بن فهد الهويمل حفظه الله تعالى ... آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

سعادة الدكتور حسن .. عرّفني عليك ثلاثة أشياء : صامت وناطق وصادق .فأمّا الصامت : فخيالك في غير جريدة ومجلة .وأمّا الناطق : فقلمك في مقالاتك الهادفة .وأمّا الصادق : فثناء ودعاء من غير واحد من أهل الفضل والعقل ، وعلى رأسهم :الأستاذ/ عبد الله بن محمد الزامل.

سعادة الدكتور : بادئ بدء أشكر لكم جميل طرحكم ومشاركتكم الفاعلة بل الفعّالة في الذب عن حياض الدين والأدب ، فلقد استمتعتُ بقراءة بعض ما خطه قلمك من منثور الحكم والأدب ، وسمعتُ من غير واحد ثناء على مقالاتك ، فشكر الله لك وبارك في قلمك وأدبك وروايتك ، فكم تحتاج صحافتنا إلى أدباء نزهاء يحيون الفضيلة ويحاربون الرذيلة ، وبخاصة أن ساحة الأدب قد نبت فيها نبتة عفنة دنّست أرض تلك الساحة فكدرت صفاءها وعكّرت نقاءها ، وقد تبوأ إثمها شرذمة من الكتّاب الذين نصّبوا أنفسهم أدباء وليس لهم من الأدب نصيب ، لا حساً ولا معنى ، فقد خلعوا جلباب الحياء والحشمة ، وتمردوا على الدين والفطرة ، وشكّكوا في الثوابت والمسَلَّمات ، وآلو الرذيلة ، وعادوا الفضيلة ، حاربوا الحشمة والحياء ونادوا بالتبرج والسفور ، فللشر وأهله نصروا ، وللإصلاح وأهله كسروا .الله نسأل أن يهدي ضال المسلمين وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم ، وأن يطهّر صحافة المسلمين منهم وممن سار على منوالهم .كما نسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا للقضاء على هذه الشرذمة التي تنخر في أساس المجتمع وثوابته.

سعادة الدكتور حسن : لئن كانت أساليب الكُتّاب الأقدمين أربعة ، فأحسب أنك من أصحاب الأسلوب الذي يحاول أصحابه أن ينقلون إلى نفوس القُراء ما في نفوسهم بأصح عبارة يقدرون عليها وأوضحها لا يقصدون إلى تجميلها أو تحميلها ما لا تحتمل يتقصّدون الإيجاز ولا يحرصون على المجاز ( بتصرف من ذكريات الطنطاوي رحمه الله تعالى ) 2/25-26 .

سعادة الدكتور حسن: لا فض الله فاك ولا حرمنا قلمك في أسلوبك الأدبي الناصح ، وحُقّ لي أن أقول : - هنيئاً لنا إذا كان أدباؤنا من المنافحين عن العقيدة الذابين عن حماها .- وهنيئاً لنا إذا وَظّف أدباؤنا أقلامهم في الحث على الفضيلة والنهي عن الرذيلة .- وهنيئاً لنا بأدباء ينقدون ذميم الشعر بحسب الميزان الشرعي .- وعزاء لنا إذا خالف أدباؤنا المنهج القويم ، المتمثّل في أمانة الكلمة ، ولم يستشعروا المسؤولية الصادقة في إصلاح المجتمع من خلال أدبهم ، فخانوا أمتهم ومجتمعهم ورسالة القلم .ولقد أحسن من قال : { لو نهض الشعراء والأدباء بمسؤولياتهم الأدبية لما وقع عالمنا فيما وقع من الويلات والمصائب ، وأكّد ذلك الإخفاق بأن سببه فقدان الشعور بالمسؤولية لدى أولئك الذين يملكون فن الكلمة ، وهم الكتّاب عامة والشعراء خاصة } .وأحسن من قال أيضاً : { فالفنان مطالب بأن يجعل الفضيلة محببة ، والرذيلة منكرة ، وهو مطالب أيضاً بأن يناهض انحلال الأخلاق ، ولهو الطائشين وانغماسهم في الملذات ، وذلك بتصوير الحياة الأسرية الوطيدة وعرضها على أنها هي الأكمل والأفضل } .

ومع هذا كله وعوداً على بدء يقال : لإن كان هناك أقلام مشبوهة تستقي من محابر مسمومة إليها ترد وعندها تصدر فلن يعدم المجتمع من أقلام تستقي من مورد الشريعة ، فعنها تتلقى ومنها تنطلق وتدافع ، بل إن قلما واحدا من هذه الأقلام المباركة المسددة يقف سدا منيعا أمام جيوش الكلمات التي تقودها تلك الأقلام المشبوهة وتمدها تلك المحابر المسمومة ، وإننا بحمد الله تعالى – كما سبق آنفا – نلمس في ساحتنا أقلاما تُسيّرها أيديٍ أصابع أمينة يحكمها دين وعقل ، وأحسب أن قلمك من أبرزها ، فأنت على ثغر بل إن ثغرك عظيم ، وأنت إن شاء الله تعالى أهل للوقوف عليه بحزم وعلم وحكمه ، ونحن معكم بدعائنا وصادق مودتنا .

ختاماً .. كاتبنا المبارك ، استمر على تسخير قلمك في أبواب الخير ، فأنت على ثغر في جهادك هذا ، واحرص رعاك الله تعالى – كعادتك – على تضمين المقالات بنصوص شرعية تكون قاعدة للانطلاق نحو الهدف المعين .

واقتراح آخر: وهو جمع تلك المقالات في كتاب يكون في متناول الأيدي ، وبخاصة الكتّاب الناشئة ليعلموا أن كاتب الصحافة عليه واجب ينبغي أن يساهم في إيصاله إلى الناس من خلال نافذته الصحفية ، فكم ملئت صحفنا من أولئك الكتبة الذين شوهوا صحافتنا بغثاء الكلام ، فلا للإسلام نصروا ، ولا لأعدائه كسروا .

فهذا اقتراحي إلى شخصك الكريم وأنت في هذا الباب من أبرز الكتّاب ، وحُقّ لي أن أقول أنك ( ابن بجدتها ) ، وأحقّ بها وأهلها ، وإياك أن يقول لك قائل : ( إنّ عليك جَرشا فتعشَّه ) فإني احسب رأيه هـذا ( إنما هو كبرق الخلَّب ) ، وأحسب أنك ( لأريض للخير ) ، فهذا ظني بك ، فلا تجعلني كقصير فـ ( لا يطاع لقصير أمر ) ، وأحسب أن كتابك في هذا المبحث سيكون له أثر نفع متعدٍ إلى شرائح كثيرة من أهل الأدب خصوصا وغيرهم عموما ، فاستعن بالله ولا تعجز ، فحسن أسلوبك وبليغ عبارتك يشفع لي عندك في قبول اقتراحي – وعذراً إن قلت لك من طرف خفي – إلحاحي وليس اقتراحي ، فليتسع صدرك وانظر ماذا ترى .

شكر الله لك ، وبارك في قلمك وعلمك وعملك وذريتك وجزاك خيرا على ما قدمت سابقا وما ستقدم – إن شاء الله تعالى – لا حقا .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أخوكم ومحبكم

عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان

6/4/1424هـ

إشارة :سعادة الدكتور حسن .. لستُ والله صاحب أسلوب أدبي ولكن لما كان المتطفل ثقيلاً على الآخرين وبخاصة إذا كان لا يحسن صنعتهم اجتهدتُ أن أمسك بطرف ثوب الأسلوب الأدبي لعله يشفع لي في الدخول إلى باب بيت وقتك ليتّسع لقراءة مقالي .

مقالات ذات صلة