مكتبـــــة المقالات

2025-10-28 10:00:00

مع شيخي العلامة الفقيه عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل

مع شيخي العلامة الفقيه عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل أسكنه الله فردوسه الأعلى.....آمين

من كتابي(من ديوان الذاكرة) القسم الثاني (ص/10-11-12)

(......كنت ألحظ في بعض من له حظ من العلم عند سؤاله في مسألة وإيراد بعض الأسئلة حول الموضوع أجد من أولئك تضجرا وقد يصل أحيانا إلى عبارات فيها قسوة تغلّف بغلاف النصح، وبعد أن ادّكرت مدة ترامى إلى سمعي من بعض الأصحاب اسم رجل من أهل العلم بل من كبار أهل العلم ويتبوأ منصبا وظيفيا كبيرا، فطمعت في التعرف عليه مع وجود حذر نفسي من أن يكون ممن يضيق ذرعا -بسرعة- فذهبت لصلاة العصر في مسجده الذي يقع جنوب برج المرئي (التلفاز) دخلت المسجد وصليت العصر، فلما انفض أكثر المصلين رأيت خلف الإمام شيخا وقورا قد تزين بثياب نظيفة جدا مع رائحة زكية شممتها عندما اقتربت منه. أتيت إليه فسلمت عليه وقبلت رأسه، فسأل عن اسمي ووالدي ودراستي ودعا لي. أحببت هذا الشيخ من لطافته وسؤاله، وأصبحت أتردد عليه فقد سكن حبه في قلبي، بعد ذلك أصبحت أصلي معه العصر كثيرا، وكان من عادته أنه إذا صلى العصر جلس في مصلاه وحيدا فإذا انفض المصلون كلهم، وبقيت وحدي معه في المسجد جئت إليه وقبلت رأسه، وأخرجت ورقة كتبت فيها بعض الأسئلة ، وبدأت بطرحها عليه فيجيبني بتؤدة وسكينة، وأحيانا يعاتبني عتاب المعلم الشفيق الناصح، ولكنه لا يكاد يجف ريقه من العتاب حتى يرطب لسانه بالدعاء والنصح والتوجيه، فكم والله ترددت عليه في مسجده فاستفدت من علمه ونصحه وخلقه.

ومما جعلني أكثر من زيارته في مسجده طيب أخلاقه ولين جانبه معي، فلله دره من شيخ جليل يأسرك بتواضعه، ذلكم الشيخ هو شيخي العلامة الفقيه القاضي: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل جزاه الله تعالى عني خير ما جزى شيخا عن تلميذه.

ومما عرفته في شيخي عبدالله بن عقيل فضلاً عن تواضعه وكرمه ولين جانبه وعنايته بتلاميذه . حرصه على ذكر الفوائد النفيسة بكل تواضع وتؤده مع فرحه عندما أقرأ عليه فائدة أجزم أنه يعرفها أو يعرف قريبا منها .

فكنت أحيانا أحضر معي كتابا وقفت فيه على فائدة نفيسة فيصغى لسماعها ويتشكر ثم يقوم بالتعليق عليها مما يجعلك تجزم أنه يعرفها، لكنه تواضع العلماء مع طلابهم تشجيعا لهم وحثا لهم على التزود العلمي.

ومما يحسن ويناسب ذكره في هذا المقام ما جاء في ترجمة الخليل بن أحمد الفراهيدي عن أيوب المتوكل أنه قال: كان الخليل إذا أفاد إنسان شيئا لم يُره بأنه أفاده وإن استفاد من أحد شيئا أراه بأنه استفاد منه.

قال الإمام الذهبي بعدما ساق الكلام : «صار طوائف في زماننا بالعكس» سير أعلام النبلاء 7 / ص 431 .

ولو قيل لي من هم أكبر وأول مشايخك الذين أثروا عليك لم أتردد في أن أولهم سماحة الإمام ابن باز، ثم سماحة الشيخ عبدالله بن عقيل، ثم سماحة الشيخ عبدالله بن حميد، وكان الفضل بعد الله في معرفتي للشيخ ابن حميد من طريق شيخي ابن عقيل وإليك الخبر: وأستميحك أيها القارئ الكريم عذرا فأقول:

من بوادر التوفيق مع شيخي عبدالله بن عقيل أنني وأنا أكتب هذه الذكريات، طلبت للمشاركة في حفل لتكريم شيخي الشيخ عبدالله بن عقيل، وكان ذلك في دارة أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ليلة الثلاثاء 11/6/1428هــ، وقد نشرت جريدة الرياض خبرًا عن الحفل. انظر عددها رقم 12697 الصادر في يوم الأربعاء 19/6/1428هـ.

أعود إلى سياق الحديث الأصلي فأقول: صليت معه -الشيخ ابن عقيل- العصر مرة 1397هـ ومعي كتاب «مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي، فلما فرغت من سؤالاتي له ومن ضمنها شيء يتعلق بالكتاب المذكور، ودعته وقمت، فلما قاربت الباب الداخلي للمسجد وهممت بفتحه ناداني فضيلته وقد نهض واتجه إلى الباب نفسه فقال لي: تعشى عندنا الليلة، عندنا الشيخ: عبدالله بن حميد، وألحّ عليّ بعدما لاحظ عليّ دهشتي، وكيف لا أدهش والداعي من؟ في مكانته، والمدعو من؟ في مكانته -أعني الشيخ ابن حميد-.

حضرت تلك الليلة، ورأيت الشيخ بن حميد في صدر المجلس فلما سلمت عليه، عرّف بي الشيخ بن عقيل، وذكر ترددي عليه في المسجد وأنه يقرأ اليوم في «مناقب الإمام أحمد»، فسرّ الشيخ ابن حميد ودعا لي بخير.

من ساعتها أحببت الشيخ ابن حميد فلما انتهى المدعوون من عشائهم تلك الليلة خرجت مباشرة وانتظرت عند الباب الخارجي فرحا لأخبر الشيخ عبدالله بن حميد بمحبتي له وأيضا طلبًا لتوجيهه لشيء في نفسي، رأيت عند الباب سيارة فارهة قد فتح سائقها باب الراكب فأخبرني أنه سائق الشيخ ابن حميد، خرج الشيخ ابن حميد، سلمت عليه وقبلت رأسه وسألته بعض الأسئلة فأجابني عنها فلما أنتهت أسئلتي، أخبرته بما في نفسي وأنني فرح مسرور بالجلوس معه والاستفادة منه في هذه الليلة، فدعا خيرا وحث خيرا وشجع على طلب العلم، فلما ودعته دعاني لطعام للغداء عنده غداً.

تلك الساعة تملكني شعور لا أستطيع وصفه يشرفني الشيخ ابن عقيل بدعوتي للعشاء، وفي اليوم نفسه يشرفني من فرحت بلقائه بدعوتي للغداء في اليوم التالي. اللهم إن هذا من نعمك عليّ لا أحصي نعمك عليّ فلك الحمد والشكر.

مقالات ذات صلة