380-[مسألة هل كل مجتهد مصيب ]
قال أبو الحسن المالقي الأندلسي :"وفي الصحيح : إذا حكم الحاكم ، ثم اجتهد فأصاب ، فله أجران ؛ وإذا حكم فاجتهد ، ثم أخطأ ، فله أجر واحد . قال أهل العلم : والمراد هنا بالحاكم ، البصير بالحكومة ، المتحري العدل . وقد استدل بهذا الحديث من يرى أن كل مجتهد مصيب ، لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) جعل له أجراً . واحتج به أيضاً أصحاب القول الآخر بأن المصيب واحد والحق في طرف واحد ، لأنه ، لو كان كل واحد مصيباً ، لم يسم أحدهما مخطئاً ، فيجمع الضدين في حالة واحدة . قال القاضي أبو الفضل بن موسى في إكماله : والقول بأن الحق في طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من المتكلمين والفقهاء ؛ وهو مروى عن مالك والشافعي وأبي حنيفة ، وإن كان قد حكى عن كل واحد منهم اختلاف في هذا الأصل . وهذا كله في الأحكام الشرعية . وأما ما يتعلق بأصل وقاعدة ، من أصول التوحيد وقواعده ، مما مبتناه على قواطع الأدلة العقلية ، فإن الخطأ في كل هذا غير موضوع ، والحق فيها في طرف واحد ، بإجماع من أرباب الأصول والمصيب فيها واحد ، إلا ما روى عن عبد الله العنبري ، من تصويبه المجتهدين في ذلك ، وعذره لهم ؛ وحكى مثله عن داوود وكله لا يلتفت إليه ، وقد حكى عن العنبري أن مذهبه في ذلك على العموم ؛ وعندي أنه إنما يقول ذلك في أهل الملة دون الكفرة ؛ والاجتهاد المذكور في هذا الباب هو بذل الوسع في طلب الحق والصواب في النازلة".
[تاريخ قضاة الأندلس لإبي الحسن المالقي(ص3و4)طبعة المكتب التجاري].