271-[سياسة الحجاج المخرِّبة]
قال المحقق:" تشير الفقرة (5) إلى لون من ألوان السياسة المخربة التي اتبعها الحجاج خلال مدة حكمه، تلك السياسة التي كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط دولة بني مروان السيادة العربية، فان فلوتن 44 وخربت العراق تخريباً تاماً.فقد فرض على أهل الإسلام الذين سكنوا الأمصار، ممن كان أصله من السواد، من أهل الذمة فأسلم، بالعراق، أن ردهم إلى قراهم ورساتيقهم، ووضع الجزية على رقابهم على نحو ما كانت تؤخذ منهم على كفرهم وفيات الأعيان 6 - 311 إذ أن هؤلاء لما أسلموا، كتب عمال الحجاج إليه، بأن الخراج قد انكسر، وأن أهل الذمة قد أسلموا، ولحقوا بالأمصار، فأمر بإخراج أهل القرى إلى قراهم، وأن تؤخذ منهم الجزية، على نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم كفار ابن الأثير 4 - 464 و 5 - 101.فاجتمع إلى ابن الأشعث، أهل الكوفة، وأهل البصرة، والقراء، وأهل الثغور، والمسالح، وتضافروا على حرب الحجاج ابن الأثير 4 - 469 وكان من جملتهم كتيبة تضم حملة القرآن، وتسمى كتيبة القراء ابن الأثير 4 - 472.ولما ثار أهل العراق على الحجاج، واحتشدوا لحربه، استنجد بعبد الملك، فأمده بجند من أهل الشام بلاغات النساء 125 فأنزلهم في بيوت أهل الكوفة، وهو أول من أنزل الجند في بيوت الناس ابن الأثير 4 - 482.ولما قتل ابن الأشعث، قال الحجاج: الآن فرغت لأهل السواد، فعمد إلى رؤسائهم، وأهل بيوتاتهم من الدهاقين، فقتلهم صبراً، وجعل كلما قتل من الدهاقين رجلاً، أخذ أمواله، وأضر بمن بقي منهم إضراراً شديداً، فخربت الأرض أدب الكتاب للصولي 2 - 220.وانبثقت في زمن الحجاج، بثوق، أغرقت الأراضي، فلم يعن الحجاج بسدها، مضارة للدهاقين، لأنه كان اتهمهم بممالأة ابن الأشعث حين خرج عليه فتوح البلدان 291.وكانت عاقبة هذه السياسة الخرقاء، أن جباية سواد العراق، وكانت على عهد الخليفة عمر بن الخطاب مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم، نزلت في عهد الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم فقط، ثم ارتفعت في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم أحسن التقاسيم للمقدسي 133 فقال عمر بن عبد العزيز: لعن الله الحجاج، فإنه ما كان يصلح للدنيا، ولا للآخرة، فإن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، جبى العراق، بالعدل والنصفة، مائة ألف ألف، وثمانية وعشرين ألف ألف درهم، وجباه الحجاج مع عسفه وجبروته ثمانية عشر ألف ألف درهم فقط، قال عمر: وها أنا قد رجع إلي على خرابه، فجبيته مائة ألف ألف درهم وأربعة وعشرين ألف ألف درهم، بالعدل والنصفة معجم البلدان 3 - 178.ومما يدل على عقلية الحجاج الفاسدة، أنه لما خرب السواد من جراء إفراطه في الظلم وفي سوء الجباية، تخيل أن الانقطاع عن الزراعة، إنما كان لقلة الماشية التي تعين الفلاحين على حرث الأرض، فأصدر أمره بتحريم ذبح البقر، فقال الشاعر: الأغاني 16 - 378شكونا إليه خراب السواد ... فحرّم فينا لحوم البقرفكنّا كمن قال من قبلنا ... أريها السها وتريني القمر"وقد سمّى الناس سليمان بن عبد الملك مفتاح الخير لأنه أذهب عنهم سنة الحجاج وأخلى السجون وأطلق الأسرى.
[الفرج بعد الشدة للتنوخي (2-146و147و148) تحقيق عبود الشالجي صادر بيروت]